ماذا يريدون؟
في فيلم «الشبكة» The Matrix تهيمن الآلات على البشر وتضعهم في أغلفة، حيث تستغلنا كبطاريات تشحن بها أجسادها. وهذا هو سبب إبقائنا على قيد الحياة. لكن بما أن محطة كهربائية واحدة تنتج طاقة أكبر من أجساد ملايين البشر، فإن أي غريب يبحث عن مصدر للطاقة سيكتشف بسرعة أن لا حاجة له بهذه البطاريات البشرية. (يبدو أن هذا غاب عن ذهن أسياد الآلات في فيلم «الشبكة»، لكن يؤمل أن يكون الغرباء أعقل من ذلك).
الاحتمال الآخر هو أنها قد تريد أكلنا. استكشف هذا في حلقة من مسلسل «منطقة الغسق» The Twilight Zone ، حيث يهبط الغرباء على الأرض ويعدوننا بمزايا تقنيتهم المتقدمة. يطلبون متطوعين لزيارة كوكبهم الأم الجميل. لكن الغرباء يخلفون وراءهم بالمصادفة كتابا يدعى «لطهي رجل» To serve Man ، يحاول العلماء أن يفكوا شفرته لاكتشاف العجائب التي سيشاركنا الغرباء فيها. يكتشف العلماء أن الكتاب هو في الحقيقة كتاب للطبخ. (لكن بما أننا مصنوعون من دنا وبروتينات مختلفة تماما عنهم، فربما سيكون من الصعب على أمعائهم هضمنا).
احتمال آخر هو أن يرغب الغرباء في تجريد الأرض من مواردها ومعادنها الثمينة. قد يكون هناك بعض الحقيقة في هذا المنطق، لكن لو كان الغرباء متطورين بما يكفي للسفر بلا عناء من النجوم، فسيكون هناك العديد من الكواكب غير المأهولة لنهب مواردها، من دون الحاجة إلى التفكير في سكان محليين مقلقين مثلنا. من وجهة نظرهم، ستكون محاولة استعمار كوكب مسكون مضيعة للوقت إذا كانت هناك بدائل أسهل.
لذا إذا كان الغرباء لا يريدون استعبادنا، أو نهب ثرواتنا، فما الخطر الذي سيشكلونه عندئذ؟ فكر في ظباء في غابة. من يجب أن تخشى أكثر – الصياد العنيف المسلح ببندقية، أم مطور المشاريع ذا الطباع الهادئة المسلح بتصاميم ومخططات؟ على الرغم من أن الصياد قد يفزع الظبي، فإن قلة فقط من الظباء مهددة منه. الأخطر بالنسبة إلى الظبي هو المطور، لأن الظبي ليس حتى على شاشة راداره. ربما لا يفكر المطور في الظبي على الإطلاق، مركزا بدلا من ذلك على تطوير الغابة، لتكون ملكية مفيدة له. على ضوء هذا المثال، كيف سيبدو اجتياح الغرباء حقيقة؟
في أفلام هوليوود، هناك عيب صارخ: فالغرباء متفوقون علينا بقرن أو ما يقرب من ذلك فقط، لذا نستطيع عادة تصميم سلاح سري، أو استغلال ضعف بسيط في عدتهم لقتالهم، كما في فيلم «الأرض ضد الصحون الطائرة» Earth vs. The Flying Saucers. لكن كما أخبرني الدكتور سيث شوستاك، مدير مشروع سيتي SETI ، مرة، فإن القتال ضد حضارة غريبة متقدمة سيكون مثل القتال بين بامبي وغودزيلا.
في الحقيقة، ربما كان الغرباء متقدمين علينا بآلاف إلى ملايين السنين في عتادهم الحربي. لذا سيكون لدينا القليل الذي يمكننا فعله للدفاع عن أنفسنا. لكن ربما نستطيع التعلم من البرابرة الذين هزموا أعظم حضارة عسكرية في وقتها، وهي الإمبراطورية الرومانية.
كان الرومان عباقرة في الهندسة، قادرين على صنع أسلحة يمكنها أن تدمر قرى البرابرة، وبناء طرقات لتموين مراكز عسكرية نائية في إمبراطورية مترامية الأطراف. وكان للبرابرة الذين خرجوا من فورهم من حياة الترحال فرصة ضئيلة عند ملاقاتهم الجيش الإمبراطوري الروماني الجبار.
لكن التاريخ يسجل أنه مع توسع الإمبراطورية، فقد انتشرت بشكل أضعفها، وبمعارك كثيرة خاضتها، وبمعاهدات عديدة قيدتها، وبمصادر لم تكف لدعم هذا كله، خصوصا مع الانحسار التدريجي للسكان. الأكثر من ذلك أن الإمبراطورية التي كانت بحاجة دائمة إلى المتطوعين كان عليها أن تطوع جنودا من البرابرة، وترقيهم إلى مناصب قيادية. بشكل محتم بدأت تقنية الإمبراطورية المتفوقة بالانتقال إلى البرابرة أيضا. ومع مرور الزمن، أتقن البرابرة التقنيات العسكرية نفسها التي قهرتهم في البداية.
نحو النهاية، واجهت الإمبراطورية - التي أنهكت بمؤامرات القصر الداخلية، والعوز الشديد في المحاصيل، والحروب الأهلية والجيش المتبعثر - البرابرة الذين استطاعوا قتال الجيش الإمبراطوري الروماني حتى النهاية. ومهد نهب روما في العام 410 و 455 الطريق لسقوط الإمبراطورية النهائي في العام 476 .
بالطريقة نفسها، ربما لن يشكل سكان الأرض في البداية تهديدا حقيقيا لغزو خارجي، لكن مع الزمن يمكن لهم أن يتعرفوا على نقاط ضعف الجيش الغريب، ومصادر قوته، ومراكز قياداته، ومعظم أسلحته. ومن أجل التحكم في السكان من البشر، سوف يضطر الغرباء إلى تجنيد متعاونين معهم وتشجيعهم. سيؤدي هذا إلى انتقال تقنيتهم إلى البشر.
ثم يمكن لجيش من البشر من هنا وهناك أن يشن هجوما معاكسا. في الإستراتيجية العسكرية الشرقية، مثل التعليمات الكلاسيكية لسون تزو في كتابه «فن الحرب» هناك طريقة لهزيمة جيش أقوى. دعه أولا يدخل في أرضك. بمجرد أن يدخل أرضا لا يعرفها، وينتشر جنوده فيها، حتى يمكنك شن هجوم عكسي على أضعف نقاطه.
التقنية الأخرى هي استخدام قوة العدو ضده. في لعبة الجودو، فإن الإستراتيجية الرئيسة هي تحويل قوة المهاجم لمصلحتك. تدع العدو يهاجم، ثم توقعه أرضا مستغلا كتلته نفسها وطاقته. كلما كانتا أكبر كانت سقطته أقسى. بالطريقة نفسها ربما كانت الطريقة الوحيدة لقتال جيش غريب متفوق هي أن تسمح له باحتلال أرضك، وأن تتعلم أسلحته وأسراره العسكرية، وأن تحول تلك الأسلحة والأسرار ضده.
لذا لا يمكن هزيمة جيش غريب متفوق بالمواجهة المباشة. لكنه سينسحب إذا كان لا يستطيع الانتصار، وإذا كانت تكلفة الاستنزاف كبيرة جدا له. الانتصار يعني حرمان العدو من النصر.
لكن الأكثر احتمالا كما أعتقد هو أن الغرباء سيكونون طيبين، وسيتجاهلوننا لمعظم الوقت. ببساطة، ليس لدينا ما نقدمه لهم. لو زارونا فسيكون هذا ناجما بشكل رئيس عن الفضول، وللتعرف علينا. (بما أن الفضول خاصة رئيسة في جعلنا أذكياء، من المحتمل أن تكون الكائنات الغريبة فضولية، وبالتالي تريد أن تتعرف علينا، لكن ليس بالضرورة الاتصال بنا.
مصطلحات هامة
الشبكة The Matrix
منطقة الغسق The Twilight Zone
لطهي رجل To serve Man
الأرض ضد الصحون الطائرة Earth vs. The Flying Saucers
سيتي SETI
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات