الوعي السيليكوني
كما رأينا، فإن الوعي البشري عبارة عن أجزاء غير تامة من قدرات مختلفة تطورت على مدى ملايين السنين. بامتلاكها معلومات حول عالمها المادي والاجتماعي، ربما تستطيع الإنساليات خلق تمثيلات مشابهة لتمثيلاتنا (أو من بعض النواحي متفوقة عليها)، لكن الوعي السيليكوني قد يختلف عن وعينا في مجالين رئيسين : العواطف والأهداف.
تاريخيا، تجاهل باحثو الذكاء الصنعي مسألة العواطف، معتبرين إياها قضية ثانوية. كان الهدف خلق إنسالي منطقي وعقلاني وليس مشتت التفكير ومندفعا. بالتالي، ركز الخيال العلمي في الخمسينيات والستينيات على إنساليات (وأشباه بشر، مثل الدكتور سبوك في مسلسل ستار ترك) لديها أدمغة منطقية كاملة.
رأينا مع الوادي الغريب أن على الإنساليات أن تبدو بشكل معين إذا كانت ستدخل بيوتنا، لكن بعض الناس يحاججون بأن على الإنساليات أن تمتلك عواطف أيضا، بحيث يمكننا الارتباط معها والعناية بها والتفاعل معها بصورة منتجة. بعبارة أخرى، تحتاج الإنساليات إلى وعي من المستوى 2 . لتحقيق هذا على الإنساليات أولا أن تتعرف على المجال الكامل للعواطف الإنسانية. بتحليل حركات الحاجبين ورموش العينين والشفاه والخدين... إلخ سيتمكن الإنسالي من تمييز الحالة العاطفية لإنسان مثل مالكه. إحدى المؤسسات التي برعت في صنع إنساليات تتعرف على الحركة وتقلدها هي مختبر وسائط معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT . كان لي شرف زيارة المختبر خارج بوسطن في مناسبات عدة . إنها تشبه زيارة مصنع ألعابُ للكبار. أينما نظرت ترى أجهزة مستقبلية ذات تقنية عالية صممت لجعل حياتنا أكثر متعة وراحة وإثارة.
حين تلفت حولي في الغرفة رأيت العديد من الرسوم ذات التقنية العالية التي وجدت طريقها في النهاية إلى أفلام هوليوود مثل «تقرير الأقلية» Minority Report و«الذكاء الصنعي» AI . وبينما كنت أتجول خلال ملعب المستقبل هذا، صادفت إنساليين غريبين هما «هاغابل» و«نيكسي». شرحت صانعتهما الدكتورة سينثيا بريزيل لي أن لهذه الإنساليات أهدافا محددة. هاغابل إنسالي على شكل دب صغير محبوب يمكنه التواصل مع الأطفال، كما يمكنه تمييز عواطف الأطفال، لديه آلات تصوير فيديوية على شكل عينين، وناطق كفم، وحساسات كجلد (لذا يمكنه أن يعلم متى يداعب أو يدغدغ أو يضم). في النهاية، ربما يصبح إنسالي كهذا معلما أو مرافق أطفال
أو مساعد تمريض أو رفيق لعب. أما نيكسي فيمكنه التواصل مع البالغين. يبدو قليلا مثل «بيلسباري دوبوي».
ُ كان له وجه منتفخ مدور ودود بعينين كبيرتين يمكنهما التلفت. وقد اختبر مسبقاّ في دار تمريض فأحبه المرضى المسنون جميعهم. ما إن تعود المسنون نيكسي حتى أصبحوا يقبلونه ويحاكونه ويفتقدونه عندما يغادر .
أخبرتني الدكتورة بريزيل أنها صممت هاغابل ونيكسي لأنها لم تكن راضية عن الإنساليات الأسبق، والتي بدت مثل قوارير صغيرة ممتلئة بالأسلاك والمسننات والمحركات. من أجل تصميم إنسالي يمكنه التفاعل عاطفيا مع الناس، كانت في حاجة إلى معرفة كيف ستجعله يؤدي عمله ويرتبط بالآخرين كما نفعل نحن. إضافة إلى ذلك، احتاجت إلى إنسالي لا يبقى على رف المخبر، بل يستطيع المغامرة وولوج العالم الحقيقي. يقول المدير السابق لمخبر وسائط الـ MIT الدكتور فرانك موس «هذا هو السبب وراء قرار بريزيل العام 2004 بأن الوقت قد حان لصنع جيل جديد من الإنساليات الاجتماعية التي يمكنها العيش في أي مكان: البيوت والمدارس والمستشفيات ودور رعاية المسنين وما إلى ذلك».
في جامعة واسيدا في اليابان يعمل العلماء على إنسالي يمتلك حركات لأعلى الجسم تمثل العواطف (الخوف والغضب والدهشة والفرح والاشمئزاز والحزن) ويمكنه السمع والشم والرؤية واللمس . ُ برمج ليؤدي مهمات بسيطة، مثل إشباع نهمه للطاقة وتجنب الظروف الخطيرة. هدفهم هو دمج الأحاسيس بالعواطف، بحيث يتصرف الإنسالي بالطريقة المناسبة في ظروف مختلفة.
وحتى لا تتخلف عن الركب، تمول الهيئة الأوروبية مشروعا قائما يدعى فيليكس غروينغ، والذي يبحث عن تطوير الذكاء الصنعي في المملكة المتحدة وفرنسا وسويسرا واليونان والدنمارك.
مصطلحات هامة
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT
قرير الأقلية Minority Report
الذكاء الصنعي AI
بيلسباري دوبوي Pillsbury Doughboy صبي العجين هو الشخصية التي ابتدعتها شركة بيلزبيري للكعك للإعلان عن منتجاتها وتسويقها.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات