هل الإنساليات واعية؟
ربما كانت أوضح طريقة لمعرفة لماذا لا توجد إنساليات آلية حقا حتى الآن هي في تصنيف مستوى وعيها. كما رأينا في الفصل الثاني، يمكننا تصنيف الوعي في أربعة مستويات. يصف المستوى 0 من الوعي النباتات ومنظمات درجة الحرارة، أي إنها تشمل عددا ضئيلا من دارات التغذية الراجعة إلى حفنة من المتحولات البسيطة، كدرجة الحرارة أو أشعة الشمس. يصف المستوى 1 من الوعي الحشرات والزواحف، التي تتحرك ولديها جهاز عصبي مركزي، وتشمل خلق نموذج عن العالم بالعلاقة مع متغير جديد هو المكان. ثم لدينا المستوى 2 من الوعي، الذي يخلق نموذجا عن العالم بالعلاقة مع كائنات أخرى من النوع نفسه، ما يتطلب الأحاسيس. أخيرا لدينا المستوى 3 من الوعي، الذي يصف البشر، والذي يشمل الزمن والوعي بالذات لتمثيل كيف ستتطور الأشياء في المستقبل وتحديد موقعنا في هذه النماذج.
يمكننا استخدام هذه النظرية لتصنيف الإنساليات المعاصرة. كان الجيل الأول من الإنساليات عند المستوى 0 ، لأنها كانت ثابتة من دون عجلات أو أرجل. إنساليات اليوم هي عند المستوى 1 بما أنها متحركة، لكنها عند مستوى منخفض جدا، لأن من الصعب جدا عليها الانتقال في العالم الحقيقي. يمكن مقارنة وعيها بوعي دودة أو حشرة بطيئة. لإنتاج المستوى الكامل 1 من الوعي، على العلماء أن يصنعوا إنساليات يمكنها تقليد وعي الحشرات والزواحف واقعيا. حتى الحشرات لديها إمكانات لا تمتلكها الإنساليات الحالية، مثل العثور بسرعة على أماكن للاختباء، وتحديد الأزواج في الغابة، والتعرف على المفترسات وتجنبها، أو إيجاد الغذاء والمأوى.
كما ذكرنا سابقا، يمكننا تصنيف الوعي رقميا بعدد دارات التغذية الراجعة عند كل مستوى. ربما تمتلك الإنساليات التي تستطيع الرؤية على سبيل المثال عدة دارات تغذية راجعة لأن لها مجسات بصرية يمكنها اكتشاف الظلال والحواف والمنعطفات والأشكال الهندسية... إلخ في مكان ثلاثي الأبعاد. بالمثل، تحتاج الإنساليات التي يمكنها السماع إلى حساسات تستطيع اكتشاف التردد والشدة والضغط والتوقفات... إلخ. ربما يصل العدد الإجمالي لدارات التغذية الراجعة هذه إلى عشر أو ما يقرب من ذلك (بينما ربما تمتلك الحشرة التي تتجول في البرية لتجد الشريك وتحدد المأوى... إلخ خمسين دارة تغذية راجعة أو أكثر). لذا ربما يمتلك إنسالي نموذجي المستوى 1:10 من الوعي.
على الإنساليات أن تستطيع خلق نموذج عن العالم بالعلاقة مع الآخرين إذا كانت ستدخل المستوى 2 من الوعي. كما ذكرنا سابقا، يحسب المستوى 2 من الوعي بتقريب أولي بضرب عدد أعضاء المجموعة بعدد العواطف والإشارات التي تستخدم للتواصل فيما بينها. ستمتلك الإنساليات عندها المستوى 2:0 من الوعي. لكن هناك أملا في أن ترفع الإنساليات العاطفية التي تصنع في المختبرات اليوم هذا الرقم.
ترى الإنساليات الحالية البشر ببساطة كمجموعة بيكسلات تتحرك على حساساتها التلفزيونية، غير أن بعض باحثي الذكاء الصنعي بدأوا في صنع إنساليات يمكنها التعرف على عواطف في تعبيرات وجوهنا، ونبرات أصواتنا. هذه خطوة أولى نحو إنساليات تتعرف على البشر على أنهم أكثر من مجرد بيكسلات عشوائية، وأن لديهم حالات عاطفية.
في العقود القليلة المقبلة سترتفع الإنساليات تدريجيا في المستوى 2 من الوعي لتصبح بذكاء فأر وأرنب ثم قطة. ربما في أواخر هذا القرن ستكون بذكاء قرد، وستبدأ في خلق أهدافها الخاصة بها.
لا تكاد الإنساليات تمتلك معرفة فاعلة بالحس السليم ونظرية العقل، حتى تتمكن من تشغيل تمثيلات معقدة حول المستقبل تظهر نفسها كفاعل رئيس، وبالتالي ستدخل المستوى 3 من الوعي. ستترك عالم الحاضر، وتدخل عالم المستقبل. يتجاوز هذا استطاعة أي إنسالي اليوم وبعدة عقود. تشغيل تمثيلات للمستقبل يعني أن لديك فهما قويا بقوانين الطبيعة، والسببية، والحس السليم، بحيث تستطيع توقع حوادث مستقبلية. وهي تعني أيضا أنك تفهم نوايا البشر وحوافزهم، بحيث يمكنك التنبؤ بتصرفاتهم في المستقبل أيضا.
تحسب القيمة الرقمية للمستوى 3 من الوعي كما ذكرنا بالعدد الكلي للروابط التي يمكن للمرء صنعها في تمثيل المستقبل في مختلف ظروف الحياة الواقعية مقسوما على القيمة المتوسطة لمجموعة الاختبار. تستطيع الحاسوبات اليوم أن تقوم بتمثيلات محدودة لبضعة متحولات (مثل اصطدام مجرتين، وتدفق الهواء حول طائرة، واهتزاز بناء بسبب زلزال) لكنها ليست مهيأة إطلاقا لتمثيل المستقبل في ظروف الحياة الواقعية المعقدة، لذا فإن مستوى وعيها سيكون شيئا يشبه المستوى 3:5 .
كما نرى، ربما يستغرق الأمر عدة عقود من العمل الجاد قبل أن نمتلك إنساليات يمكنها أن تعمل بشكل عادي في المجتمع البشري.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات