Ad Code

هل الدماغ حاسوب؟ الدماغ البشري يعمل بشكل جيد ولو فقد نصفه


هل الدماغ حاسوب؟

أين أخطأنا؟ على مدار الخمسين عاما الماضية تقريبا حاول العلماء العاملون في الذكاء الصنعي نمذجة الدماغ تماثلا مع الحواسيب الرقمية. لكن ربما كان هذا شديد التبسيط. وكما قال جوزف كامبل مرة: «الحواسيب مثل آلهة العهد القديم، الكثير من القوانين وبلا رحمة». إذا أزحت نصف ناقل (ترانزيستور) وحيد من شريحة بنتيوم، فسيتوقف الحاسوب فورا. لكن الدماغ البشري يمكنه العمل بشكل جيد حتى لو فقد نصفه.

يعود هذا إلى أن الدماغ ليس حاسوبا رقميا على الإطلاق، بل شبكة عصبونية متطورة جدا من نوع ما. وعلى النقيض من الحاسوب الرقمي، الذي يمتلك هيكلية ثابتة (مدخلات ومخرجات ومعالج)، فإن الشبكات العصبونية مجموعات من الخلايا العصبية التي تعيد ربط نفسها وتقويتها باستمرار بعد تعلم كل مهمة جديدة. لا يمتلك الدماغ برمجة ولا نظام تشغيل ولا نظام ويندوز ولا معالجا مركزيا. بدلا من ذلك فشبكاته العصبونية تعمل بالتوازي بحيث تطلق مائة مليار عصبون في الوقت نفسه من أجل تحقيق هدف واحد: التعلم.



في ضوء هذا، يبدأ الباحثون في الذكاء الصنعي إعادة تفحص منحى «الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل» الذي اتبعوه في السنوات الخمسين الماضية (أي وضع قوانين الحس السليم كلها على قرص مدمج). يعيد الباحثون النظر الآن في أسلوب «الاتجاه من الأسفل إلى الأعلى». يحاول هذا الاتجاه أن يقلد الطبيعة الأم، التي خلقت كائنات عاقلة (نحن) عبر عملية التطور، بدءا من حيوانات بسيطة كالحشرات والأسماك، ثم خلقت أخرى بعد ذلك أكثر تعقيدا. على الشبكات العصبونية أن تتعلم بالطريقة الصعبة، بالارتطام بالأشياء وارتكاب الأخطاء.

الدكتور رودني بروكس المدير السابق لمختبر الذكاء الصنعي الشهير في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  MIT والمؤسس المشارك لـ «آي روبوت»  iRobot التي تصنع المكانس الكهربائية الموجودة في غرف المعيشة، أدخل اتجاها جديدا تماما للذكاء الصنعي. بدلا من تصميم إنساليات كبيرة ثقيلة، لماذا لا نبني إنساليات صغيرة مدمجة شبيهة بالحشرات عليها أن تتعلم كيف تمشي، كما يحدث في الطبيعة؟ عندما قابلته أخبرني أنه كان يتعجب من البعوضة، التي لديها دماغ ميكروي تقريبا بعدد قليل من العصبونات، وعلى الرغم من ذلك كانت قادرة على المناورة في المكان أفضل من أي طائرة إنسالية . بنى سلسلة من الإنساليات البسيطة المثيرة ودعاها بحب «إنساليات حشرية» isectoids bugbots/، هرولت على أرضيات المعهد واستطاعت الركض بدوائر حول الإنساليات الأكثر تقليدية. كان الهدف هو صنع إنساليات تتبع طريقة التجربة والخطأ للطبيعة الأم. بعبارة أخرى، تتعلم هذه الإنساليات عن طريق الارتطام بالأشياء.

(في البداية قد يبدو أن هذا يتطلب الكثير من البرمجة. غير أن المفارقة هي أن الشبكات العصبية لا تتطلب أي برمجة على الإطلاق. الشيء الوحيد الذي تفعله الشبكات العصبية هو إعادة وصل نفسها، بتغيير شدة بعض الممرات في كل مرة تتخذ فيها القرار الصحيح. لذا فإن البرمجة غير مهمة، وتغيير الشبكة هو كل شيء).

ُ تخيل كتاب الخيال العلمي مرة أن الإنساليات على المريخ ستكون كائنات شبه- بشرية متطورة، تمشي وتتحرك مثلنا تماما ببرامج معقدة تمنحها الذكاء البشري. لكن ماحدث هو العكس. اليوم يتجول أحفاد هذا الاتجاه– مثل ناقلة المريخ كوريورسيتي– فوق سطح المريخ. هي ليست مبرمجة لتمشي كالبشر. بدلا من ذلك لديها ذكاء حشرة، لكنها تقوم بمهمة جيدة فوق ذلك السطح. لدى ناقلات المريخ تلك برمجيات قليلة نسبيا؛ لكنها تتعلم عن طريق الارتطام بالحواجز.

مصطلحات هامة

معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  MIT
آي روبوت  iRobot
إنساليات حشرية  isectoids bugbots


نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu