النظر في المرآة

عندما أنظر إلى نفسي في المرآة، لا أرى نفسي كما أنا حقا. أولا أرى نفسي منذ نحو واحدة من مليار ثانية مضت، لأن هذا هو الزمن الذي يستغرقه شعاع الضوء ليترك وجهي، ويرتطم بالمرآة، ثم يدخل إلى عيني. ثانيا، الصورة التي أراها هي حقا متوسط مليارات المليارات من الدالات الموجية. هذا المتوسط بالتأكيد يماثل صورتي، لكنه ليس الأصل نفسه. حولي هناك صور متعددة لي تنتشر في الاتجاهات كلها. أنا محاط باستمرار بأكوان بديلة تتفرع دوما إلى عوالم مختلفة، لكن احتمال الانزلاق بينها ضئيل جدا، بحيث إن ميكانيك نيوتن يبدو صحيحا.

ُ عند هذه النقطة يسأل بعض الناس السؤال التالي: لماذا لا يجري العلماء ببساطة تجربة لتحديد التفسير الصحيح؟ لو أجرينا تجربة على إلكترون، فالتفسيرات الثلاثة جميعها ستعطي النتيجة نفسها. لذا فهذه كلها تفسيرات جادة وصحيحة لميكانيك الكم، بالنظرية الكوانتية نفسها المؤسسة له. الاختلاف هو في كيفية تفسير النتائج.

ربما سيظل الفيزيائيون والفلاسفة يناقشون هذا السؤال إلى مئات السنين في المستقبل من دون الوصول إلى اتفاق، لأن التفسيرات الثلاثة جميعها تعطي النتائج الفيزيائية نفسها. لكن ربما كانت هناك طريقة واحدة يمكن للنقاش الفلسفي بواسطتها أن يلامس الدماغ، وهي سؤال الإرادة الحرة، التي بدورها تؤثر في الأسس الأخلاقية للمجتمع البشري.