العواطف: تحديد ما المهم
الأكثر من ذلك، بدأ باحثو الذكاء الصنعي يدركون أن العواطف قد تكون المفتاح إلى الوعي. اكتشف علماء الأعصاب، مثل الدكتور أنطونيو داماسيو، أنه عندما تكون الوصلة بين الفص الجبهوي (والذي يتحكم في التفكير العقلاني) والمراكز العاطفية (أي النظام الحوفي) معطلة، لا يستطيع المرضى إعطاء حكم قيمي . إنهم مشلولون عندما يتخذون أبسط القرارات (ما الأشياء التي يشترونها، ومتى يحددون موعدا، وأي قلم ملون يستخدمون) لأن كل شيء له القيمة نفسها بالنسبة إليهم. بالتالي، ليست العواطف ترفا، إنها ضرورية حتما، ومن دونها سيصعب على الإنسالي أن يقرر ما هو مهم وما هو غير مهم. لذا فالعواطف بدلا من أن تكون هامشية لتطور الذكاء الصنعي، تؤدي الآن دورا محوريا فيه.
إذا صادف إنسالي نارا متأججة، فربما سينقذ سجلات الحاسوب أولا، وليس الناس، ربما لأن برمجته تقول له إن السجلات الثمينة لا يمكن استبدالها، بينما يمكن استبدال العاملين دوما. من المهم أن تبرمج الإنساليات بحيث تميز بين ما هو مهم وما هو ليس كذلك، والعواطف طرق مختصرة يستخدمها العقل لتقرير ذلك بسرعة. لذا يجب برمجة الإنساليات بحيث يكون لها نظام قيمي – وهو أن الحياة البشرية أهم من الأشياء المادية، وأنه يجب إنقاذ الأطفال أولا في حالة طوارئ، وأن الأشياء ذات السعر الأعلى أكثر قيمة من تلك ذات السعر الأدنى... إلخ. بما أن الإنساليات ليست مجهزة بقيم، لذا يجب تحميل قائمة ضخمة من أحكام القيمة عليها.
المشكلة بالنسبة إلى العواطف، مع ذلك، أنها أحيانا غير عقلانية، بينما تكون الإنساليات دقيقة رياضيا. لذا قد يختلف الوعي السيليكوني عن الوعي الإنساني بطرق رئيسة. على سبيل المثال، يمتلك البشر تحكما قليلا في عواطفهم، بما أنها تحدث بسرعة كبيرة، ولأنها تنشأ في الجهاز الحوفي، وليس في القشرة الجبهية للدماغ. والأكثر من ذلك أن عواطفنا غالبا ما تكون متحيزة. أظهرت اختبارات عديدة أننا نميل إلى زيادة تقدير قدرات الناس الذين يتسمون بالوسامة والجمال. يميل الناس المتميزون بالوسامة إلى الارتقاء في سلم المجتمع، والحصول على وظائف أفضل، على الرغم من أنهم قد لا يمتلكون موهبة الآخرين. وكما تذهب المقولة السائدة: «للجمال مزاياه».
بالمثل، ربما لا يأخذ الوعي السيليكوني في الحسبان الدلائل العميقة التي يستخدمها البشر عندما يقابل بعضهم بعضا كلغة الجسم مثلا. عندما يدخل الناس غرفة ما يذعن الشباب إلى الأكبر سنا، ويظهر الأعضاء الأقل مكانة احتراما زائدا للموظفين الأعلى رتبة. نظهر احترامنا بالطريقة التي نحرك بها أجسامنا، ونختار بها كلماتنا وإشاراتنا. ولأن لغة الجسم أقدم من اللغة المحكية نفسها، فهي مرتبطة بالدماغ بطرق عميقة. على الإنساليات إذا أريد لها التواصل مع الناس اجتماعيا أن تتعلم هذه الدلائل اللاواعية.
يتأثر وعينا بحالات شاذة من تاريخنا التطوري، والذي لن تمتلكه الإنساليات، لذا ربما لن يمتلك الوعي السيليكوني الثغرات والشذوذات نفسها التي نمتلكها.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات