Ad Code

دورات الازدهار والانحسار في الذكاء الصنعي


دورات الازدهار والانحسار في الذكاء الصنعي

من الصعب التنبؤ بمصير الذكاء الصنعي، لأنه مر بثلاث دورات من الازدهار والانحسار. في الخمسينيات بدا كأن الخادمات والسقاة الآليين أصبحوا جاهزين. بنيت آلات يمكنها لعب الداما وحل مسائل الجبر. طورت أذرع إنسالية يمكنها التعرف على الأجسام والتقاطها. في جامعة ستانفورد بني إنسالي دعي «شيكي»– هو في الأساس حاسوب يجلس فوق عجلات ومزود بآلة تصوير– يمكنه التجوال حول الغرفة بنفسه، متجنبا العوائق.

نشرت مقالات مذهلة سريعا في مجلات علمية تبشر بقدوم الرفيق الإنسالي. كانت بعض التنبؤات محافظة جدا. في العام  1940 ذكرت مجلة «بوبيولار ميكانيكس» أنه «في المستقبل ستزن الحواسيب ليس أكثر من  1.5 طن». غير أن آخرين كانوا متفائلين جدا في الادعاء بأن عهد الإنسالي أصبح قريبا. سيصبح «شيكي» يوما ما خادمة أو ساقيا آليا، سينظف سجاداتنا ويفتح الأبواب لنا. أقنعتنا أفلام مثل « 2001 : أوديسا الفضاء»  A Space Odyssey : 2001 بأن الإنساليات سوف تقود قريبا سفننا الصاروخية إلى المشتري، وسوف تتحدث مع روادنا الفضائيين. في العام  1965، قال الدكتور هربرت سايمون، أحد مؤسسي الذكاء الصنعي، ببساطة: «ستتمكن الآلات خلال  20 سنة من القيام بأي عمل يمكن أن يقوم به الإنسان؟». بعد عامين قال الدكتور مارفين مينسكي، مؤسس آخر للذكاء الصنعي: «خلال جيل... ستحل مشكلة خلق «الذكاء الصنعي» بشكل كبير».



لكن هذا التفاؤل اللامحدود كله انهار في السبعينيات. كان باستطاعة آلات لعب الداما أن تلعب الداما فقط، ولا شيء آخر. كان بإمكان الأذرع الميكانيكية أن تلتقط مكعبات، ولا شيء آخر. كانت تقوم بحيلة واحدة فقط. استغرق الأمر من أكثر الإنساليات تطورا ساعات لعبور غرفة واحدة فقط. كان من السهل لـ «شيكي» الموضوع في بيئة لا يعرفها أن يضيع. ولم يكن العلماء قريبين من فهم الوعي. في العام  1974عانى الذكاء الصنعي من ضربة قوية عندما قلصت الحكومتان الأمريكية والبريطانية تمويل هذا الحقل بشكل كبير.

غير أنه مع ازدياد قدرة الحاسوب باستمرار في الثمانينيات، انطلق سباق ذهب جديد في مجال الذكاء الصنعي، جاء بشكل رئيس من مخططي البنتاغون الذين أملوا استخدام جنود إنساليين في ساحة المعركة. وصل تمويل الذكاء الصنعي إلى مليار دولار في العام 1985 ، حيث أنفقت مئات الملايين من الدولارات على مشاريع مثل «سمارت ترك»  Smart Truck الذي افترض أن يكون شاحنة ذكية وآلية يمكنها أن تدخل خطوط العدو، وتقوم بعمليات الاستطلاع منفردة، وتؤدي مهمات (مثل نجدة الأسرى)، ثم تعود إلى المناطق الصديقة. لسوء الحظ، كان الشيء الوحيد الذي قامت به تلك الشاحنة هو أنها ضاعت. أنزل الفشل الصريح لهذه المشاريع المكلفة شتاء آخر على مجال الذكاء الصنعي في التسعينيات.

علق بول إبراهام على السنوات التي قضاها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  MIT كطالب، حيث قال: «يبدو كأن مجموعة من الناس اقترحت بناء برج يصل إلى القمر. في كل عام كانوا يشيرون بفخر إلى علو البرج عن العام السابق. المشكلة الوحيدة هي أن القمر لم يقترب أكثر».

غير أنه مع التقدم المستمر في قدرة الحاسوب بدأت الآن نهضة جديدة في مجالُ  الذكاء الصنعي، وأحرز تقدم بطيء لكنه كبير. في العام  1997 هزم حاسوب IBM  «ديب بلو» بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف. في العام  2005 ربحت سيارة إنسالية من جامعة ستانفورد سباق تحدي وكالة داربا  DARPA الكبير للسيارات من دون سائق. ويستمر تحقيق علامات فارقة جديدة.

يبقى السؤال: هل المحاولة الثالثة هي الفاصلة؟

يدرك العلماء اليوم أنهم قللوا كثيرا من حجم المشكلة، لأن معظم التفكير الإنساني يحدث في اللاوعي. فالجزء الواعي من أفكارنا يمثل في الحقيقة الجزء الأقل فقط من حساباتنا.

يقول الدكتور ستيف بينكر: «سأدفع الكثير من أجل إنسالي يأخذ الأطباق أو يقوم بخدمات بسيطة، لكنني لا أستطيع، وذلك لأن المشاكل الصغيرة كلها التي تحتاج إلى حل لبناء إنسالي يقوم بذلك، كالتعرف على الأجسام، والتفكير في العالم، والتحكم في اليدين والقدمين، هي مشاكل هندسية غير محلولة».

على الرغم من أن أفلام هوليوود تخبرنا بأن الإنساليات القاتلة الرهيبة آتية،ُ  فإن مهمة خلق عقل صنعي أصعب بكثير مما اعتقد سابقا. سألت مرة الدكتور مينسكي: متى ستعادل الآلات ذكاء البشر وحتى تتفوق عليه؟ قال إنه كان واثقا بأن هذا سيحدث، لكنه لن يقدم أي تنبؤات حول مواعيد حصول ذلك بعد الآن. باعتبار مسار الذكاء الصنعي حتى الآن، ربما كان هذا أفضل مقاربة، أن نخطط لمستقبل الذكاء الصنعي من دون وضع جدول زمني محدد.

مصطلحات هامة

2001 : أوديسا الفضاء  A Space Odyssey : 2001
سمارت ترك  Smart Truck
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  MIT
IBM Interface barin machine
داربا  DARPA


نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu