جينات المرض العقلي

ّ تشمل المحاولة الأخرى لفهم المرض العقلي، وفي النهاية علاجه، تقفي جذوره الجينية. أجريت محاولات عدة في هذا المجال، بنتائج مختلطة مخيبة للآمال. هناك دليل قوي على أن الفصام والاضطراب ثنائي القطب وراثيان، لكن المحاولات لإيجاد الجين المشترك لهؤلاء الأفراد جميعهم لم تكن قاطعة. تتبع العلماء أحيانا شجرة العائلة لبعض الأشخاص المصابين بمرض عقلي، وعثروا على جين مشترك. لكن المحاولات لتعميم هذه النتيجة على عائلات أخرى فشلت. في أفضل الحالات، استنتج العلماء أن العوامل البيئية مع مزيج من عدة جينات ضرورية لإطلاق المرض العقلي. لكن أصبح من المتفق عليه عموما أن لكل اضطراب أساسه الجيني الخاص به.

مع ذلك، في العام  2012 أظهرت إحدى أكثر الدراسات شمولية حتى تاريخه أنه ربما كان هناك بالفعل عامل جيني مشترك للمرض العقلي. حلل علماء من مدرسة هارفارد الطبية ومستشفى ماساتشوستس العام ستين ألف شخص على مستوى العالم، ووجدوا أن هناك رابطة جينية بين خمسة أمراض عقلية رئيسة: الفصام والاضطراب ثنائي القطب والتوحد والاكتئاب الشديد واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ADHD .  وهي معا تمثل جزءا مهما من المرضى العقليين جميعهم.



بعد تحليل موسع لدنا الأشخاص، وجد العلماء أن أربعة جينات زادت من خطر المرض العقلي. اثنان منها تتعلقان بتنظيم قنوات الكالسيوم في العصبونات. (الكالسيوم (الكلس) عنصر أساسي يدخل في عمليات الإشارات العصبية). يقول الدكتور جوردون سمولار من مدرسة هارفارد الطبية: «يقترح اكتشاف القنوات الكلسية أنه ربما – وهذه ربما كبيرة – تكون لمعالجات التأثير في وظيفة نقل الكلس تأثيرات في عدد من الاضطرابات» . استخدمت مسبقا مغلقات لقنوات الكالسيوم لمعالجة الناس باضطراب ثنائي القطب. في المستقبل ربما تستخدم هذه المغلقات لمعالجة أمراض عقلية أخرى أيضا.

يمكن لهذه النتيجة الجديدة أن تساعد في شرح حقيقة غريبة وهي أنه عندما يتوارث المرض العقلي في العائلة، ربما يظهر أفراد العائلة أشكالا مختلفة من الاضطرابات. على سبيل المثال، لو أصيب أحد التوأمين بالفصام، فربما يصاب التوأم الآخر باضطراب مختلف تماما، كالاضطراب ثنائي القطب.

الفكرة هنا هي أنه على الرغم من أن لكل مرض عقلي مطلقاته وجيناته الخاصة به، يمكن أن يكون هناك خيط مشترك يربط بينها أيضا. ويمكن لعزل العوامل المشتركة بين هذه الأمراض أن يقدم لنا دليلا على الأدوية الأكثر فاعلية ضدها.

ّ يقول الدكتور سمولار: «ما ميزناه هنا ربما كان بمنزلة قمة جبل الجليد فقط. مع نمو هذه الدراسات نتوقع أن نجد جينات إضافية ربما تتقاطع بعضها مع بعض». لو وجدت جينات مشتركة أكثر بين هذه الاضطرابات الخمسة، فربما ستفتح مقاربة جديدة تماما للأمراض العقلية.

لو وجدت جينات مشتركة أكثر، فربما يعني هذا أن المعالجة الجينية قد تستطيع إصلاح العطب الناتج من الجينات العاطلة. أو ربما تؤدي إلى نشوء عقاقير جديدة يمكنها أن تعالج المرض على المستوى العصبي.

مصطلحات هامة

اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط Attention deficit disorder with hyperactivity ADHD 


نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.