Ad Code

فيديوهات الدماغ، تصوير فيديوي لأفكار الناس مع الدكتور غالانت


فيديوهات الدماغ

يتركز معظم هذا البحث في جامعة كاليفورنيا - بيركلي، حيث حصلت على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية منذ سنوات. لقد حظيت بزيارة مختبر الدكتور غالانت، الذي حققت مجموعته إنجازا اعتبر مرة مستحيلا: تصوير فيديوي لأفكار الناس .
هذه خطوة كبيرة للأمام، لإعادة تشكيل التخيل الداخلي. نحن نفتح نافذة على الأفلام في دماغنا» يقول غالانت.

عندما زرت مختبره، كان أول شيء لاحظته هو فريق من طلاب الدراسات العليا ومن مساعدي الباحثين المتحمسين يتجمعون أمام شاشات حاسباتهم، ينظرون بإمعان إلى صور فيديوية أعيد تركيبها من مسح دماغي لشخص ما. بالحديث إلى فريق غالانت تشعر كأنك تشهد عملية صنع للتاريخ العلمي.

ّ شرح غالانت لي أن الشخص يمدد على نق ُ الة، تدخل ببطء من ناحية الرأس أولا ضمن آلة  التصوير بالرنين المغناطيسي ضخمة حديثة، تصل تكلفتها إلى  3 ملايين دولار. ثم تعرض على الشخص عدة مقاطع من فيلم (مثل مشاهد من أفلام موجودة على اليوتيوب.)
لجمع بيانات كافية، على الشخص أن يجلس من دون حراك لساعات يراقب هذه المقاطع، وهي مهمة صعبة حقا. سألت أحد مساعدي البحث الدكتور شينجي نيشيموتو، كيف وجدوا متطوعين راغبين في الاستلقاء لساعات أمام أجزاء فقط من لقطات فيديوية لتمضية الوقت. قال إن طلاب الدراسات العليا ومساعدي البحوث تطوعوا ليكونوا حقل تجارب لبحوثهم .



وبينما يشاهد الشخص الأفلام، تخلق آلة الـ التصوير بالرنين المغناطيسي صورة ثلاثية الأبعاد لتدفق الدم ضمن الدماغ. تبدو صورة الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي مثل مجموعة ضخمة مؤلفة من ثلاثين ألف نقطة أو فوكسل. يمثل كل فوكسل نقطة من طاقة عصبية، ويتعلق لون النقطة بشدة الإشارة وتدفق الدم. تمثل النقاط الحمراء مؤشرات ناجمة عن نشاط عصبي كبير، بينما تمثل النقاط الزرقاء مؤشرات ناجمة عن نشاط أقل. (تبدو الصورة النهائية مثل آلاف أضواء عيد الميلاد على شكل دماغ. فورا يمكنك رؤية أن الدماغّ  يركز معظم طاقته العقلية في القشرة البصرية، التي تقع في مؤخرة الدماغ، بينما تراقب هذه الفيديوهات.)

آلة الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي لغالانت قوية جدا بحيث تستطيع تمييز مائتي إلى ثلاثمائة منطقة مختلفة من الدماغ، ويمكنها في المتوسط أخذ لقطات قصيرة تتضمن مائة نقطة لكل منطقة في الدماغ. (أحد أهداف الأجيال المستقبلية من تقنية الـ التصوير بالرنين المغناطيسي هي الحصول على استبانة أدق  بزيادة عدد النقاط لكل منطقة من الدماغ.)

في البداية، يبدو هذا التجمع ثلاثي الأبعاد للنقاط الملونة من دون أي معنى.
ّ لكن بعد سنوات من البحث، طور الدكتور غالانت وزملاؤه صيغة رياضية بدأت تعثر على علاقات بين خصائص معينة لصورة (حواف، ونسج، وشدة... إلخ) وبين فوكسلات الـ التصوير بالرنين المغناطيسي . على سبيل المثال، لو نظرت إلى حد فاصل، فستلاحظ أنها منطقة تفصل مناطق أفتح ومناطق أغمق، وبالتالي تولد الحافة نمطا معينا من الفوكسولات. بالحصول على نظرة شخص بعد الآخر لتلك المكتبة الضخمة من لقطات الفيديو، تتحسن هذه الصيغة الرياضية، مما يسمح للحاسوب بأن يحل ّ ل كيف تحول أنواع مختلفة من الصور إلى فوكسلات الـ التصوير بالرنين المغناطيسي . في النهاية، استطاع العلماء تحديد علاقة مباشرة بين نماذج  التصوير بالرنين المغناطيسي معينة من الفوكسلات، وخصائص ضمن كل صورة.

عند هذه المرحلة، تعرض على الشخص بعد ذلك مشاهد أخرى من فيلم. يحلل الحاسوب الفوكسولات المولدة خلال الرؤية ويعيد تشكيل الصورة الأصلية بشكل تقريبي. (يختار الحاسوب صورا من مائة مقطع من الفيلم، وهي الأقرب شبها بتلك التي رآها الشخص، ثم يدمج الصور بعضها مع بعض لخلق تقريب جيد.) بهذه الطريقة يستطيع الحاسوب خلق فيديو مبهم للصور المرئية التي تمر خلال عقلك. الصيغة الرياضية لغالانت مرنة جدا بحيث يمكن أخذ مجموعة من فوكسلات  التصوير بالرنين المغناطيسي وتحويلها إلى صورة، أو العكس، بأخذ صورة ثم تحويلها إلى فوكسلات التصوير بالرنين المغناطيسي  .

سنحت لي فرصة لرؤية الفيديو الذي صنعته مجموعة الدكتور غالانت، وكان مثيرا للاهتمام. كانت مشاهدته تشبه رؤية فيلم بوجوه وحيوانات ومشاهد طرق وبنايات من خلال نظارات غامقة. على الرغم من أنه ليس بإمكانك رؤية التفاصيل ضمن كل وجه أو حيوان بحيث تميز بوضوح نوع الشيء الذي تراه.

لا يستطيع هذا البرنامج فك شفرة ما تنظر إليه فقط، بل إنه يستطيع فك صور خيالية تدور في رأسك أيضا. لنفترض أنه طلب منك أن تفكر في الموناليزا. نعلم من مسوحات الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي أنه على الرغم من أنك لا تنظر إلى اللوحة بعينيك، فإن القشرة البصرية في دماغك تضيء. يقوم برنامج الدكتور غالانت بعد ذلك بمسح دماغك بينما تفكر في الموناليزا، وسبر ملفات البيانات للصور محاولا العثور على أقرب صورة مطابقة. في إحدى التجارب التي رأيتها، اختار الحاسوب صورة الممثلة سلمى حايك كأقرب تقريب للموناليزا. بالطبع، يمكن للشخص العادي أن يتعرف بسهولة على مئات الوجوه، لكن حقيقة أن الحاسوب حلل صورة ضمن دماغ شخص، ثم التقط هذا الصورة من ملايين الصور العشوائية تحت تصرفه، هي أمر مثير للإعجاب.

الهدف من هذه العملية بكاملها هو خلق قاموس صحيح يسمح لك بأن تطابق بسرعة جسما في العالم الحقيقي بنموذج الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي في دماغك. بصورة عامة، فإن المطابقة المفصلة صعبة جدا وتستغرق سنوات، لكن من السهل قراءة بعض الأصناف بالمرور على بعض الصور فقط. كان الدكتور ستانيسلاس دوهان من كوليج دوفرانس في باريس يفحص مسوحات الـ  ُ التصوير بالرنين المغناطيسي للفص الجداري، حيث تدرك الأرقام، عندما ذكر أحد مساعديه عرضا أنه بمسح نموذج الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي بسرعة يمكنه أن يعرف الرقم الذي ينظر إليه الشخص. في الحقيقة، شكلت أرقام معينة نماذج محددة على مسح الـ « التصوير بالرنين المغناطيسي، لو أخذت  200 فوكسل من هذه المنطقة، ونظرت أيها فعالة وأيها غير فعالة، يمكنك بناء طريقة تعليم بالآلة تفكك أي رقم موجود في الذاكرة»

يتركنا هذا مع سؤال مفتوح حول متى يمكننا الحصول على فيديوهات لها جودة صور أفكارنا. لسوء الحظ، تضيع المعلومات عندما يتخيل الشخص صورة ما. تؤيد مسوحات الدماغ ذلك. عندما تقارن مسوح الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ وهو ينظر إلى زهرة مع مسح الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ وهو يفكر بالزهرة، ترى فورا أن النقاط في الصورة الثانية أقل من الأولى. لذا، على الرغم من أن هذه التقنية ستتطور كثيرا في السنوات القادمة، فإنها لن تكون تامة أبدا. (قرأت مرة قصة قصيرة حيث يلتقي رجل بجني وعده بأن يخلق أي شيء يمكن للشخص أن يتخيله. طلب الرجل فورا سيارة فارهة وطيارة نفاثة ومليون دولار. في البداية، كان الرجل سعيدا. لكن عندما نظر إلى هذه المواد بتفصيل، رأى أن السيارة والطائرة من دون محرك، وأن الصورة على النقود غير واضحة. وكل شيء من دون فائدة. وهذا لأن ذكرياتنا هي مجرد تقريبات للشيء الحقيقي.)

لكن باعتبار السرعة التي يعمل العلماء بها لفك أنماط الـ  التصوير بالرنين المغناطيسي في الدماغ، هل سيكون باستطاعتنا قريبا أن نقرأ حقا الكلمات والأفكار التي تدور في العقل؟

مصطلحات هامة

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI 
استبانة أدق sharper resolution sharper resolution



نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu