Ad Code

معالجات مبنية على محو ذاكرة بواسطة الـ PKMzeta


عقار للنسيان

في هذه الأثناء يدرس العلماء بعض العقاقير التي يمكنها مسح ذكريات مؤلمة تستمر في مطاردتنا وإزعاجنا. في العام  2009 أعلن علماء هولنديون تقودهم الدكتورة ميريل كينديت أنهم اكتشفوا استخدامات جديدة لعقار قديم يدعى بروبرانولول،ّ  الذي يمكنه العمل كعقار «معجز» لمحو الألم المرتبط بذكريات مؤلمة. لم يحرض العقار على فقدان الذاكرة عند زمن معين، لكنه زاد القدرة على تحمل الألم – وخلال  ّ 3 أيام فقط، كما ادعت الدراسة.



ّ سبب هذا الاكتشاف فورة من العناوين البارزة، على ضوء آلاف الضحايا الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة PTSD . يمكن لأي شخص من المحاربين القدامى إلى ضحايا الاعتداء الجنسي والحوادث البشعة أن يجد الراحة من أعراضه. لكن بدا أن هذا الاكتشاف يعاكس بحوث الدماغ، التي تظهر أن الذكريات طويلة الأمد ليست مشفرة كهربائيا، وإنما على مستوى الجزيئات البروتينية. مع ذلك تقترح التجارب الحديثة أن استدعاء الذكريات يتطلب استعادة الذكرى، ومن ثم إعادة تجميعها، بحيث يمكن في الواقع إعادة ترتيب بنية البروتين أثناء العملية. بعبارة أخرى، فإن استدعاء ذكرى يغ ّيرها في الواقع. وربما كان هذا هو سبب نجاح العقار: من المعلوم أن البروبرانولول يتدخل بعملية امتصاص الأدرينالين، وهو أمر حيوي في تشكيل الذكريات الحية طويلة الأمد والتي تنتج غالبا عن حوادث الصدمات. يقول الدكتور جيمس ماكاو من جامعة كاليفورنيا إرفاين: «يجثم البروبرانولول فوق تلك الخلية العصبية ويغلقها. لذا يمكن أن يكون الأدرينالين موجودا، لكنه لا يستطيع القيام بوظيفته». بعبارة أخرى، من دون الأدرينالين تتوارى الذاكرة.

أظهرت تجارب مضبوطة على أشخاص بذاكرات أصيبت بصدمات نتائج واعدة. لكن العقار واجه عقبة كأداء عندما تعلق الأمر بمحو الذاكرة. لم يعارض بعض الأخلاقيين فاعليته، لكنهم امتعضوا من مجرد فكرة استخدام عقار للنسيان، لأن الذاكرات موجودة لسبب مهم: إنها تعلمنا دروس الحياة. حتى الذكريات غير السارة يقولون إنها تخدم غرضا أكبر. رفض العقار من قبل لجنة الأخلاق البيولوجية التابعة لرئيس الولايات المتحدة. استنتج تقرير هذه اللجنة أن «محو الأشياء الكريهة من الذاكرة سيجعلنا مرتاحين جدا مع العالم، ولن نتأثر بالمعاناة ولا بالأفعال الشريرة أو القسوة... هل سنصبح لا مبالين بأكثر آلام الحياة حدة، من دون أن نصبح أيضا لا مبالين بأعظم مسراتها؟».

يقول الدكتور ديفيد ماغوس من مركز الأخلاق الطبية الحيوية في جامعة ستانفورد «إن انفصالاتنا وعلاقاتنا بقدر ما هي مؤلمة إلا أننا نتعلم من بعض هذه الخبرات. إنها تجعلنا أناسا أفضل».

بيد أن آخرين يعارضون ذلك. يقول الدكتور روجر بيتمان من جامعة هارفارد بأنه لو صادف طبيب ضحية حادث ما يعاني آلاما مبرحة «هل سنحرمه من المورفين لأننا قد نحرمه من خبرة عاطفية كاملة؟ من سيحاجج هكذا؟ لماذا يجب أن يكون علم النفس مختلفا عن الجسد؟ أعتقد أنه ربما كان وراء هذه الحجة الفكرة التي تقول بأن الاضطرابات العقلية ليست كالاضطرابات الجسدية».

سيكون لكيفية حل هذا الجدل تأثير مباشر على الجيل التالي من العقاقير، لأن البروبرانالول ليس الوحيد المشمول بالبحث.

في العام  2008 أعلن فريقان مستقلان، يعمل كلاهما على الحيوانات، عن اكتشاف عقاقير أخرى يمكنها محو الذكريات حقا، وليس معالجة الألم الذي تسببه فقط. ذكر الدكتور جو تسيان من الكلية الطبية في جورجيا وزملاؤه في شانغهاي أنهم ألغوا عمليا ذاكرة فأر باستخدام بروتين يدعى CaMKII ، بينما اكتشف علماء في مركز ساني داونستيت الطبي في بروكلين أن الجزيء  PKMzeta يمكنه محو الذكريات. قال الدكتور أندري فينسون، أحد مؤلفي هذه الدراسة الثانية، «إذا أكد عمل إضافي في المستقبل هذه الفكرة فيمكننا أن نتوقع يوما ما رؤية معالجات مبنية على محو ذاكرة بواسطة الـ PKMzeta .  لا يستطيع العقار أن يمحو الذكريات المؤلمة فقط، بل إنه «قد يكون مفيدا أيضا في معالجة الاكتئاب والقلق العام وأمراض الرهاب والضغط بعد الصدمات والإدمان».

اقتصر البحث العلمي حتى الآن على الحيوانات فقط، لكن التجارب على البشر ستبدأ قريبا. إذا عممت التجارب من الحيوانات إلى البشر فستصبح حبة النسيان احتمالا حقيقيا. لن تكون حبة من النوع المشاهد في أفلام هوليوود (التي تخلق فقدان الذاكرة بصورة ملائمة في وقت ملائم) لكن يمكن أن تكون لها تطبيقات طبية واسعة في العالم الحقيقي لأشخاص يعانون من ذكريات الصدمات. وسيكون من الجدير ملاحظة مقدار انتقائية مسح الذاكرة هذه بالنسبة إلى البشر.

مصطلحات هامة

اضطراب ما بعد الصدمة PTSD 



نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

Post a Comment

0 Comments

Close Menu