Ad Code

نظرية الزمكان للوعي والمرض العقلي


نظرية الوعي والمرض العقلي

إذن كيف تنطبق نظرية الزمكان للوعي على المرض العقلي؟ هل يمكن لها أن تعطينا رؤية أعمق لهذا الاضطراب؟ كما ذكرنا سابقا، نعرف الوعي الإنساني بعملية خلق نموذج عن عالمنا من حيث الزمان والمكان (خصوصا المستقبل) بتقدير عدد من دارات التغذية الراجعة بعوامل مختلفة من أجل تحقيق هدف ما.

اقترحنا أن الوظيفة الرئيسة للوعي البشري هي تمثيل المستقبل، لكن هذا ليس مهمة سهلة. يحقق الدماغ هذا باختبار دارات التغذية الراجعة هذه والموازنة بينها. على سبيل المثال، يحاول مدير ماهر في اجتماع لمجلس الإدارة أن يعرض الخلاف بين الأعضاء ويقوي نقاط التنافس في الرأي من أجل البحث في الحجج المختلفة واتخاذ القرار النهائي. بالطريقة نفسها تقوم مناطق مختلفة من الدماغ بتقديرات متباعدة عن المستقبل ثم تعطيها للقشرة الظهرانية أمام الجبهية التي تقوم بعمل مدير للدماغ.ّ  تقي ُ م هذه التقديرات المتنافسة بعد ذلك، وت ُ بحث حتى يتخذ قرار متوازن نهائي.

يمكننا الآن تطبيق نظرية الزمكان للوعي لتعطينا تعريفا لمعظم أنواع الأمراض النفسية :



ولأن مدير العقل (القشرة الظهرانية أمام الجبهية) لم تعد لديه تقديرات متوازنة للحقائق، بسبب هذا الخلل في دارات التغذية الراجعة، فإنه يخلص إلى استنتاجات غريبة، ويتصرف بطرق شاذة. ميزة هذه النظرية هي أنها قابلة للاختبار. على المرء أن يجري مسوحات  MRI لدماغ شخص مريض عقليا وهو يظهر تصرفا خاطئا، وتقييم عمل دارات التغذية الراجعة لديه، ومقارنتها بمسوحات  MRI للأشخاص العاديين. لو أن هذه النظرية صحيحة، فإن التصرف المختل (مثل سماع أصوات أو الهوس) يمكن تتبعه رجوعا إلى عطل في عمل الضوابط والموازين بين دارات التغذية الراجعة. ويمكن نقض النظرية لو أن هذا التصرف المختل مستقل تماما عن التفاعل بين هذه المناطق من الدماغ.

بوجود هذه النظرية الجديدة حول المرض العقلي، يمكننا الآن تطبيقها على أنواع مختلفة من الاضطرابات العقلية، ملخصين النقاش السابق وفق هذا الضوء الجديد.

رأينا مسبقا أن التصرف المهووس للناس الذين يعانون الوسواس القهري يبرز ربما عندما يختل نظام الضوابط والموازين في عدد من دارات التغذية الراجعة وتوازناتها:

يسجل أحدها وجود خطأ، وينفذ الآخر التصحيح، ويشير ثالث إلى أن المشكلة حلت. يمكن أن يسبب فشل الضوابط والموازين ضمن هذه الحلقة إلى وضع الدماغ في دارة مغلقة، بحيث لا يؤمن العقل مطلقا بأن المشكلة قد حلت.

ربما تنشأ الأصوات التي يسمعها مريض الفصام عندما لا توازن عدد من دارات التغذية الراجعة بعضها بعضا. تسبب إحدى دارات التغذية الراجعة أصواتا فائضة في القشرة الصدغية (أي، يتكلم الدماغ مع نفسه). تختبر الهلوسات الصوتية والبصرية غالبا من قبل القشرة الحزامية الأمامية، بحيث يمكن لشخص عادي أن يميز بين الأصوات الحقيقية والخيالية. لكن إذا لم تعمل هذه المنطقة من الدماغ بشكل صحيح، يغرق الدماغ بأصوات هائمة يعتقد أنها حقيقية. يمكن لهذا أن يسبب مرض الفصام.

بالمثل، ربما يمكن تقفي تذبذبات الهوس – الاكتئاب لشخص مصاب بالاضطراب ثنائي القطب إلى خلل في التوازن بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر. يصبح التفاعل الضروري بين التقديرات المتفائلة والمتشائمة غير متوازن، ويتذبذب الشخص كثيرا بين هاتين الحالتين المتباعدتين.

يمكن النظر إلى البارانويا أو الرهاب تحت هذا الضوء أيضا. فهو ينتج من عدم توازن بين اللوزة الدماغية (التي تسجل الخوف وتضخم التهديدات) والقشرة أمامّ  الجبهية التي تقيم هذه التهديدات، وتضعها في المنظور الصحيح.

يجب أن نؤكد أيضا أن التطور أعطانا دارات التغذية الراجعة هذه لسبب:

لتحمينا. فهي تحفظنا أصحاء ونظيفين وعلى اتصال بالمجتمع. تحدث المشكلة عندما يختل التفاعل الحركي بين دارات تغذية راجعة متعاكسة.

يمكن تلخيص هذه النظرية تقريبا كما يلي :



مصطلحات هامة

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI



نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu