الاضطراب ثنائي القطب
نوع آخر شائع من المرض العقلي هو الاضطراب ثنائي القطب، حيث يعاني الشخص نوبات عنيفة من التفاؤل الزائف الواسع يتبعه انهيار ثم فترات من الاكتئاب العميق. يبدو أن الاضطراب ثنائي القطب متوارث في العائلات، وللغرابة يصيب غالبا الفنانين الذين ربما أنجزوا أعمالهم الفنية العظيمة خلال نوبات منُ النشاط والتفاؤل. هناك قائمة من المبدعين الذين أصيبوا باضطراب ثنائي القطب تضم مشاهير في هوليوود وموسيقيين وفنانين ومؤلفين. على الرغم من أن عقار الليثيوم يبدو أنه يتحكم في العديد من أعراض الاضطراب ثنائي القطب، فإن الأسباب ليست واضحة تماما.
تذكر إحدى النظريات أن الاضطراب ثنائي القطب ناجم عن عدم التوازن بين نصفي كرة الدماغ الأيمن والأيسر. ويشير الدكتور مايكل سويني إلى أن «مسوحات الدماغ قادت الباحثين إلى عزو العواطف السلبية عموما كالحزن إلى النصف الأيمن والإيجابية كالفرح إلى النصف الأيسر. لنحو قرن على الأقل لاحظ علماء الأعصاب وجود رابطة بين العطب في الدماغ الأيسر والمزاج السلبي، بما في ذلك الاكتئاب والبكاء اللاإرادي. لكن العطل في النصف الأيمن ارتبط بمجموعة عريضة من العواطف الإيجابية».
لذا يميل النصف الأيسر، التحليلي، الذي يتحكم في اللغة، إلى أن يصاب بالهوس لوُ ترك لحاله. النصف الأيمن، على العكس من ذلك، شمولي ويميل إلى إيقاف هذا الهوس. يكتب الدكتور راماتشاندران: «لو ترك النصف الأيسر من دون ضبط فمن المحتملُ أن يجعل الشخص م ِ وسوسا أو متوهما. لذا يبدو من المعقول اقتراح وجود «محامي الشيطان» في النصف الأيمن يسمح «لك بتبني فكرة مستقلة وموضوعية عن نفسك».
إذا كان الوعي الإنساني يشمل تمثيل المستقبل، فعليه أن يحسب نواتج الحوادث في المستقبل باحتمالات معينة. لذا فهو يحتاج إلى توازن دقيق بين التفاؤل والتشاؤم لتقدير احتمالات النجاح أو الفشل لمسارات معينة من العمل.
لكن بمعنى ما، فإن الاكتئاب هو الثمن الذي ندفعه لنستطيع تمثيل المستقبل. يمتلك وعينا القدرة على استحضار أصناف من المآلات المروعة للمستقبل، ولذا فهو على علم بالأشياء السيئة كلها التي يمكن أن تحدث حتى لو كانت غير حقيقية.
من الصعب تأكيد العديد من هذه النظريات، لأن مسوحات الدماغ للمصابين بالاكتئاب السريري تشير إلى إصابة العديد من مناطق الدماغ. من الصعب تحديد مصدر المشكلة، لكن بين المكتئبين سريريا، فإن النشاط في الفصين الجداري والصدغي يبدو مكبوتا، مما يؤشر ربما إلى أن الشخص منعزل عن العالم الخارجي، ويعيش في عالمه الداخلي الخاص. يبدو أن القشرة البطنية الأنسية ventromedial تؤدي دورا مهما. من الواضح أن هذه المنطقة تخلق الشعور بأن هناك إحساسا بمعنى العالم وشموليته، بحيث يبدو أن لكل شيء هدفا. يمكن للنشاط الزائد في هذه المنطقة أن يسبب الهوس، حيث يعتقد الناس أنهم عاجزون. وترتبط قلة النشاط في هذه المنطقة بالاكتئاب وشعور بأن الحياة لا معنى لها. لذا قد يكون العطب في هذه المنطقة مسؤولا عن بعض التقلبات في المزاج.
مصطلحات هامة
القشرة البطنية الأنسية ventromedial
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات