Ad Code

ذباب ذكي وفئران غبية : منشط وكابح CREB


ذباب ذكي وفئران غبية

الجين  NR2B ليس الجين الوحيد الذي يدرس من قبل العلماء بسبب تأثيره في الذاكرة. في سلسلة رائدة أخرى من التجارب، استطاع العلماء توليد صنف جديد من ذباب الفاكهة بــ «ذاكرة فوتوغرافية»، وأيضا توليد صنف من الفئران الفاقدة للذاكرة. ربما تفسر هذه التجارب في النهاية العديد من الأسرار حول الذاكرة على المدى الطويل، مثل لماذا لا يكون حشر المعلومات أثناء التحضير لامتحان الطريقة الأفضل للدراسة، ولماذا نتذكر الأحداث إذا كانت مشحونة بالعاطفة. اكتشف العلماء أن هناك جينين مهمين: منشط CREB ( الذي يحرض على تشكيل وصلات جديدة بين العصبونات)، وكابح CREB ( الذي يكبح تشكل ذكريات جديدة).



أجرى الدكتوران جيري ين وتيموثي تالي من مختبر كولد سبرنغ هاربور تجارب مثيرة على ذباب الفاكهة. عادة يتطلب الأمر منها عشر محاولات كي تتعلم مهمة معينة (مثل اكتشاف رائحة، أو تجنب صدمة). لم يستطع ذباب الفاكهة بجين زائد من كابح  CREB تشكيل ذكريات طويلة الأمد على الإطلاق، لكن المفاجأةُ  الحقيقية جاءت عندما اختبر ذباب الفاكهة بجين زائد من منشط CREB. تعلمت المهمة في تجربة واحدة فقط. « يشير هذا إلى أن الذباب يمتلك ذاكرة فوتوغرافية» ، يقول الدكتور تولي. قال إنها كالطلبة «الذين يستطيعون قراءة فصل من كتاب مرة، ثم يتمثلونه في عقولهم، ثم يخبرونك أن الجواب هو في الفقرة  3 من الصفحة 274 ».

لا يقتصر هذا التأثير على ذباب الفاكهة فقط . أجرى الدكتور آلسينو سيلفا في كولد سبرنغ هاربور أيضا تجارب على الفئران. وجد أن الفئران بعطب في جين منشط  CREB لم تستطع تشكيل ذكريات طويلة الأمد. كانت فئرانا فاقدة للذاكرة. لكن حتى تلك الفئران الفاقدة للذاكرة أمكنها تعلم القليل عندما حصلت على دروس مع استراحات فيما بينها. لذا يرى العلماء أننا نمتلك كمية محدودة من منشط الــ  CREB في الدماغ يمكنه تحديد الكمية التي يمكننا تعلمها خلال وقت محدد. لو حاولنا حشر معلومات كثيرة قبل امتحان، فهذا يعني أننا سنستهلك بسرعة كمية منشط الــ CREB ، وبالتالي لا يمكننا تعلم المزيد – على الأقل حتى نأخذ استراحة لتعويض هذه المنشطات.

«يمكننا الآن أن نقدم سببا بيولوجيا لعدم كفاءة حشر المعلومات» ، يقول الدكتور تولي إن الطريقة الأفضل للتحضير للاختبار النهائي هي مراجعة المادة عقليا من حين إلى آخر خلال اليوم، بحيث تصبح هذه المادة جزءا من ذاكرتك على المدى الطويل.

ربما يشرح هذا أيضا لماذا كانت الذكريات المشحونة عاطفيا حيوية جدا، ويمكنها أن تبقى عقودا. يعمل الجين الكابح  CREB كمرشح، وينظف المعلومات غير المفيدة. لكن إذا ربطت الذكرى بعاطفة قوية، فإنها يمكنها أن تزيح الجين الكابح  CREB أو تزيد من مستويات الجين المنشط CREB.

يمكننا توقع اختراقات أكبر في فهم الأساس الجيني للذاكرة في المستقبل. لا يكفي جين واحد، بل هناك حاجة ربما إلى مجموعة معقدة من الجينات لتشكيل القدرات الهائلة للدماغ. لهذه الجينات بدورها ما يقابلها في الجينوم البشري، لذا فهناك احتمال واضح أننا سنستطيع تطوير ذاكراتنا ومهاراتنا العقلية بشكل كبير.

على الرغم من ذلك, لا تتوقع الحصول على تحسين عقلي كبير في وقت قريب. فمازالت هناك عقبات عديدة أمام ذلك. أولا، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه النتائج تنطبق على البشر. غالبا، المعالجات التي تظهر أملا كبيرا في الفئران لا تترجم جيدا على أصنافنا. وثانيا، حتى لو أمكن تطبيق هذه النتائج على البشر، فإننا لا نعلم كيف سيكون تأثيرها. على سبيل المثال ربما تساعد هذه الجينات ذاكراتنا، لكنها لن تؤثر في ذكائنا العام. ثالثا، المعالجة الجينية (أي إصلاح الجينات المعطوبة)ُ  أصعب مما اعتقد سابقا. يمكن معالجة عدد قليل فقط من الأمراض الجينية بهذه الطريقة. وعلى الرغم من أن العلماء يستخدمون جراثيم غير مؤذية لإصابة الخلايا التي تحتوي على الجين «الجيد»، فإن الجسم يظل يرسل مضادات الأجسام لمهاجمة الجسم الدخيل، ما يجعل المعالجة من دون فائدة في أغلب الحالات. ومن المحتمل أن إدخال جين لتطوير الذاكرة سيواجه المصير نفسه. (إضافة إلى ذلك، عانى حقل المعالجة الجينية من تراجع كبير منذ عدة سنوات، عندما مات مريض في جامعة بنسلفانيا خلال خضوعه لعملية معالجة جينية. لذا يواجه العمل في تعديل الجينات البشرية العديد من المسائل الأخلاقية والقانونية).

إذن سيكون تقدم التجارب على البشر أبطأ بكثير من التجارب على الحيوانات. على الرغم من ذلك يمكن للمرء أن يتنبأ باليوم الذي يتقن فيه هذا الإجراء ويصبح حقيقة. لن يحتاج تغيير جيناتنا بهذه الطريقة إلى أكثر من حقنة بسيطة في الذراع. سيدخل جرثومة غير مؤذية إلى دمنا، وسيقوم بعدها بنشر العدوى في خلايا سليمة بحقن جيناته فيها. وعندما يدخل «الجين الذكي» بنجاح في خلايانا يصبح فعالا، ويطلق البروتينات التي تزيد من ذاكراتنا ومهاراتنا العقلية بالتأثير على الحصين وتشكيل الذاكرة.

إذا أصبح إدخال الجينات صعبا جدا، فهناك احتمال آخر بحقن البروتينات المطلوبة مباشرة في الجسم، متجاوزة استخدام المعالجة الجينية. وبدلا من حقن إبرة سنبتلع حبة.


نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

Post a Comment

0 Comments

Close Menu