كيف يبدون؟
ربما ستقدم لنا أول ترجمة لهذه الرسائل الغريبة بعض الفهم حول ثقافة الغرباء وأسلوب حياتهم. على سبيل المثال، من المحتمل أن يكونوا قد تطوروا من صيادين، وبالتالي لايزالون يشتركون في بعض خصائصهم. (بصورة عامة، يكون الصيادون على الأرض أذكى من الفرائس. فالحيوانات الصائدة كالنمور والأسود والقطط والكلاب تستخدم مكرها للاختباء أو الكمين أو المطاردة وكل ذلك يتطلب قدرا من الذكاء. هذه الحيوانات المفترسة كلها لديها عينان في مقدمة وجهها من أجل الرؤية الدوارة في أثناء تركيز اهتمامها. أما الطرائد التي تمتلك عينين على جانبي وجهها لتحديد المفترس فعليها فقط أن تهرب. هذا هو السبب في قولنا «ماكر كالثعلب» و«غبي كالأرنب»). ربما تخلصت أشكال الحياة الغريبة من الكثير من غرائز الصيد لأسلافها البعيدة، لكن من المحتمل أنها لاتزال تمتلك بعضا من وعي الصياد (أي تحديد المكان والتوسع فيه والعنف عند الضرورة).
لو فحصنا العنصر البشري، نرى أن ثلاثة عناصر رئيسة على الأقل مهدت الطريق له كي يصبح ذكيا:
1. الإبهام المقابل الذي يمنحنا القدرة على اللعب بالبيئة وإعادة تشكيلها بواسطة الأدوات.
2. عيون متعددة الاتجاهات، أو عيون الصياد ثلاثية الأبعاد.
3. اللغة التي تسمح لنا بمراكمة المعرفة والثقافة والحكمة عبر الأجيال.
عندما نقارن هذه العناصر الثلاثة بالخصائص الموجودة في مملكة الحيوان، نرى أن القليل من الحيوانات يلبي معايير الذكاء هذه. القطط والكلاب على سبيل المثال ليست لديها قدرة الإمساك أو اللغة المعقدة. الأخطبوط لديه ملاقط متطورة، لكنه لا يرى جيدا وليست لديه لغة معقدة.
ربما كانت هناك اختلافات في هذه المعايير الثلاثة. بدلا من إبهام مقابل، يمكن أن يكون للغريب مخالب أو ملاقط. (الشرط المسبق الوحيد هو أن تكون قادرة على التلاعب ببيئتها بأدوات تصنع من هذه الملحقات). بدلا من أن يكون لها عينان ربما يكون لها عدد أكبر من العيون، كالحشرات. أو ربما تكون لها حساسات تكتشف الصوت والأشعة فوق البنفسجية بدلا من الضوء المرئي. الأكثر احتمالا أن يكون لها عيون دوارة لصياد، لأن الكائنات المفترسة لها عادة مستوى أعلى من الذكاء من الطريدة. وأيضا، بدلا من لغة تعتمد على الأصوات، ربما تتواصل عبر أشكال مختلفة من الاهتزازات. (المتطلب الوحيد هو أن تتبادل المعلومات بعضها مع بعض لخلق ثقافة تمتد عبر أجيال).
لكن فيما بعد هذه المعايير الثلاثة فكل شيء ممكن.
بعد ذلك، ربما كان للغرباء وعي متأثر ببيئتهم. يدرك الفلكيون الآن أن الموطن الأوفر للحياة في الكون ليس كوكبا شبيها بالأرض يستحم بأشعة الشمس الدافئة من النجم الأم، لكنه قد يكون في أقمار باردة كالجليد، تدور حول كوكب بحجم المشتري على بعد آلاف الأميال من النجم الأم. من المعتقد بشكل شائع أن أوروبا، وهو قمر مغطى بالجليد يتبع المشتري يحتوي على محيط سائل تحت سطحه المتجمد يسخن بقوى المد. بما أن أوروبا يهتز وهو يدور حول المشتري، فإنه يضغط في اتجاهات مختلفة بفعل الجذب الضخم للمشتري، مما يسبب احتكاكا داخل أعماق القمر. يولد هذا حرارة تشكل البراكين، وفوهات محيطات تذيب الجليد، وتخلق محيطات سائلة. يقدر أن محيطات أوروبا عميقة جدا، ويقدر حجمها بعدة أمثال حجم محيطات الأرض. بما أن 50 في المائة من النجوم تمتلك كواكب بحجم المشتري (مائة مرة أكثر من الكواكب الشبيهة بالأرض) لذا فالشكل الأكثر وفرة للحياة قد يوجد على أقمار جليدية لكواكب غازية ضخمة كالمشتري.
لذا عندما نصادف أول حضارة غريبة في الفضاء فمن المحتمل أن تكون ذات مصدر مائي. (أيضا من المحتمل أنها هاجرت من المحيط، وتعلمت العيش على سطح جليدي لقمرها بعيدا عن الماء لعدة أسباب. أولا، سيكون لأي نوع يعيش دائما تحت الجليد نظرة محدودة إلى الكون. لن يستطيع أبدا تطوير علم فلك أو برنامج فضائي، لو فكر أن الكون هو فقط المحيط تحت الغطاء الجليدي. ثانيا، لأن الماء يقطع الكهرباء عن العناصر الكهربائية، فلن تطور أبدا الراديو أو التلفاز لو بقيت تحت الماء. وإذا كانت ستتطور فيجب عليها أن تتقن الإلكترونيات، والتي لا يمكن أن توجد في المحيطات. لذا من المحتمل جدا أن يكون هؤلاء الغرباء قد تعلموا ترك المحيطات، والعيش على الأرض كما فعلنا نحن.
لكن ما الذي يحدث لو تطور هذا الشكل من الأحياء لخلق حضارة تسافر في الفضاء، وتستطيع الوصول إلى الأرض؟ هل سيكونون على شكل متعضيات بيولوجية مثلنا، أم هل سيكونون قد تخطوا البيولوجية؟
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات