Ad Code

تمثيل المستقبل : مقاييس جديدة للذكاء


مقاييس جديدة للذكاء

من الواضح أنه يجب أن تكون هناك طرق جديدة لقياس الذكاء والنجاح في الحياة. ليست اختبارات الذكاء  IQ من دون فائدة، لكنها تقيس شكلا محدودا واحدا من الذكاء فقط. يلاحظ الدكتور مايكل سويني، مؤلف كتاب «الدماغ: العقل الكامل»  Brain: The Complete Mind أن «الاختبارات لا تقيس الحافز والإصرار والمهارات الاجتماعية ومجموعة أخرى من الصفات لحياة جيدة».

المشكلة بالنسبة إلى العديد من هذه الاختبارات القياسية هي أنه ربما يكون هناك أيضا انحياز غير مقصود بسبب الاختلافات الثقافية. إضافة إلى ذلك، تقيم هذه الاختبارات نوعا واحدا خاصا فقط من الذكاء، والذي يدعوه بعض علماء النفس بالذكاء «المتقارب». يركز الذكاء المتقارب على نوع واحد من التفكير، متجاهلا النوع «المتباعد» الأكثر تعقيدا من الذكاء، والذي يشمل قياس عوامل مختلفة. على سبيل المثال، خلال الحرب العالمية الثانية طلبت القوات الجوية الأمريكية من العلماء تصميم اختبار نفسي يقيس ذكاء الطيار وقدرته على معالجة ظروف صعبة غيرُ  متوقعة. كان أحد الأسئلة «لو أ َ سقطت داخل بلد عدو وعليك أن تنجو بطريقة ما إلى خطوط الأصدقاء، ماذا تفعل؟» عارضت النتائج التفكير التقليدي.



توقع معظم علماء النفس أن دراسة القوات الجوية ستظهر أن الطيارين بعلامات عالية في اختبارات الذكاء  IQ سيسجلون نقاطا عالية في هذا الاختبار أيضا. في الحقيقة، كان العكس هو الصحيح. كان الطيارون الذين أحرزوا أعلى النقاط هم الذين تفوقوا في نمط التفكير المتباعد، الذين استطاعوا القراءة خلال مسارات مختلفة من التفكير . استطاع الطيارون الذين برعوا في ذلك على سبيل المثال التفكير في أنواع مختلفة من الطرق المتخيلة وغير التقليدية للهرب بعد القبض عليهم خلف خطوط العدو.

انعكس الاختلاف بين التفكير المتقارب والمتباعد أيضا في دراسات على مرضى الدماغ المشطور، التي أظهرت بوضوح أن كل نصف كرة من الدماغ يرتبط بشكل أساسي بهذا النوع أو ذاك من التفكير. يكتب الدكتور أولريش كرافت من فيلدا في ألمانيا: «نصف الكرة الأيسر مسؤول عن التفكير المتقارب، والنصف الأيمن عن التفكير المتباعد . يفحص الجانب الأيسر التفاصيل، ويعالجها منطقيا وتحليليا، لكنه يفتقر إلى الإحساس بالعلاقات المجردة والقاهرة. الجانب الأيمن أكثر خيالية وعفوية، ويميل إلى العمل بشكل شمولي، بحيث يجمع أجزاء أحجية البيانات ليجعل منها كلا متكاملا».

ُ في هذا الكتاب، ع ّرف الوعي البشري على أنه يشمل القدرة على خلق نموذج عن العالم، ومن ثم تمثيل هذا النموذج في المستقبل من أجل الوصول إلى هدف ما. استطاع الطيارون الذين أظهروا تفكيرا متباعدا تمثيل حوادث ممكنة عدة في المستقبل بدقة وبتعقيد أكبر. بالمثل، يبدو أن الأطفال الذين سيطروا على الإشباع المؤجل في اختبار الحلوى الشهير كانوا أقدر على تمثيل المستقبل لرؤية المكافآت طويلة الأمد، وليس المخططات قصيرة الأمد، والكسب السريع فقط.

سيكون اختبار الذكاء الأكثر تعقيدا الذي يكمم مباشرة قدرة الشخص على تمثيل المستقبل أكثر صعوبة، لكن ليس من المستحيل تصميمه. يمكن الطلب من شخص ما خلق أكثر ما يمكن من السيناريوهات الواقعية للمستقبل للفوز في لعبة ما، وبدرجة معينة بحسب عدد التمثيلات التي يستطيع تخيلها، وعدد الصلات العرضية المتعلقة بكل منها. وبدلا من قياس قدرة شخص على هضم معلومات ببساطة، ستقيس هذه الطريقة الجديدة قدرة الشخص على التحكم في هذه المعلومات وتشكيلها لتحقيقُ  هدف أعلى. على سبيل المثال، ربما يسأل شخص ما عن التفكير في كيفية الهرب من جزيرة مهجورة ممتلئة بحيوانات متوحشة جائعة وحيات سامة. سيكون عليه ذكر كل الطرق المتعددة للنجاة، وصد الحيوانات الخطرة، وترك الجزيرة خالقا شجرة عرضية مفصلة للنتائج المحتملة والمستقبل.

لذا نرى أن هناك خيطا مشتركا يمر خلال هذا النقاش كله، وهو أن الذكاء يتعلق بدرجة التعقيد التي يمكننا بواسطتها تمثيل المستقبل، وهذا يرتبط بنقاشنا السابق بشأن الوعي.

لكن بأخذ التطورات السريعة التي تحدث في مختبرات العالم فيما يتعلق بالحقول الكهرطيسية والجينات والمعالجة بالعقاقير، فهل من الممكن ليس قياس ذكائنا فقط، بل تطويره أيضا - كي نصبح آينشتاين آخر؟

مصطلحات هامة

الدماغ: العقل الكامل  Brain: The Complete Mind


نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu