فيزياء الدماغ
لذا من وجهة نظر تطورية أو بيولوجية، لم يعد التطور ينتقي الناس الأذكياء، على الأقل ليس بالسرعة التي كان يقوم بها منذ آلاف السنين.
هناك أيضا إشارات من قوانين الفيزياء إلى أننا قد وصلنا إلى الحد الطبيعي الأعظمي للذكاء، بحيث إن أي تطوير لذكائنا لا بد أن يأتي من وسائل خارجية. يستنتج العلماء الذين درسوا علم أعصاب الدماغ أن هناك مقايضات تمنعنا من أن نكون أذكى بكثير مما نحن عليه الآن. وفي كل مرة نتخيل فيها دماغا أكبر أو أكثف أو أكثر تعقيدا نصطدم بهذه المقايضة السلبية.
المبدأ الأول في الفيزياء الذي يمكننا تطبيقه على الدماغ هو الحفاظ على المادة والطاقة، أي القانون الذي ينص على أن الكمية الكلية للمادة والطاقة في نظام ما تبقى ثابتة. بشكل خاص، كي يقوم الدماغ بإنجازاته المذهلة في التمارين العقلية الرياضية عليه أن يحافظ على الطاقة، وبالتالي فهو يقوم باختصارات كثيرة. وكما رأينا في الفصل الأول، ما نراه بأعيننا هو في الحقيقة مركب باستخدام خدع تحفظ الطاقة. يتطلب الأمر الكثير جدا من الطاقة والتحليل المنطقي لكل أزمة، لذا يحافظ الدماغ على الطاقة باتخاذ أحكام سريعة على شكل عواطف. والنسيان طريقة أخرى بديلة للحفاظ على الطاقة. لدى الدماغ الواعي صلة بجزء ضئيل فقط من الذكريات التي تؤثر في الدماغ.
لذا فالسؤال هو على الشكل التالي: هل ستعطينا زيادة حجم الدماغ، أو زيادة كثافة الأعصاب، ذكاء أكبر؟
غالبا، لا. «تعمل عصبونات المادة الرمادية في القشرة بمحاور قريبة جدا من الحد الفيزيائي النهائي» يقول الدكتور سيمون لوفلين من جامعة كامبريدج. هناك عدة طرق يستطيع المرء من خلالها زيادة ذكاء الدماغ باستخدام قوانين الفيزياء، لكن لكل منها مشاكله الخاصة به :
يمكن للمرء أن يزيد حجم الدماغ، ويمد طول العصبونات. المشكلة هنا هيّ أن الدماغ سيستهلك طاقة أكبر. يولد هذا حرارة أكثر في العملية، مما يؤثر سلبا في بقائنا. إذا استخدم الدماغ طاقة أكبر، فسيصبح أسخن وستتخرب أنسجة الجسم نتيجة درجة الحرارة العالية (تتطلب التفاعلات الكيميائية لجسم الإنسان وعمليات الاستقلاب درجات حرارة ضمن مجال محدد بدقة.) أيضا فإن الأعصاب الطويلة تعنيّ أن الوقت سيكون أطول لمرور الإشارات عبر الدماغ، مما يبطئ من عملية التفكير.
يمكن للمرء أن يحزم كمية أكبر من الأعصاب في المساحة نفسها بجعلها أنحف. لكن لو أصبحت الأعصاب أنحف فأنحف فإن التفاعلات الكيميائية/ الكهربائية المعقدة التي يجب أن تتم داخل المحاور ستفشل، وفي النهاية سوف تختل بسهولة. يقول دوغلاس فوكس في مقاله في مجلة «ساينتيفيك أمريكان» «يمكنك أن تدعوها أم القيود كلها: البروتينات التي تستخدمها العصبونات لتوليد النبضات الكهربائية، والتي تدعى قنوات أيونية، هي غير مستقرة أصلا».
يمكن للمرء أن يزيد من سرعة الإشارة بجعل العصبونات أثخن. لكن هذا يزيد أيضا استهلاك الطاقة ويولد حرارة أكبر. وهي تزيد أيضا حجم الدماغ وتزيد الوقت اللازم للإشارات كي تصل إلى هدفها.
يمكن للمرء أن يضيف وصلات بين العصبونات. لكن هذا مرة أخرى يزيد من استهلاك الطاقة وتوليد الحرارة مما يجعل الدماغ أكبر وأبطأ في هذه العملية.
لذا، ففي كل مرة نلعب فيها بالدماغ، نصطدم بالمشاكل. يبدو أن قوانين الفيزياء تشير إلى أننا وصلنا إلى قمة ذكائنا. ولأننا لن نستطيع فجأة زيادة حجم جماجمنا، أو طبيعة العصبونات نفسها في أدمغتنا، فيبدو أننا عند المستوى الأعلى المحتمل لذكائنا. لو أردنا زيادة ذكائنا فيجب أن نجعل أدمغتنا أكثر كفاءة (عبر العقاقير والجينات، وربما آلات من نوع TES).
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات