الأيدي الماهرة ودمج العقول
برهن الدكتور نيكوليليس على أن من الممكن وصل العقل بالآلة عبر القارات.
وضع قردا على جهاز للمشي. ووضع شريحة فوق دماغه ووصلها بالإنترنت. وعلى الجانب الآخر من الأرض، في كيوتو في اليابان، استخدمت الإشارات الواردة من القرد للتحكم في إنسالي يمكنه المشي. إذن بالمشي على جهاز للمشي في كارولينا الشمالية، أمكن للقرد أن يتحكم في إنسالي في اليابان ليقوم بحركة المشي ذاتها. باستخدامّ حساسات عقله فقط، وبالمكافأة على شكل حبة طعام، درب الدكتور نيكوليليس القرد على التحكم في إنسالي شبيه بالإنسان دعي CB-1 على بعد نصف العالم.
إنه يعالج أيضا إحدى المشاكل الرئيسة في تواصل العقل – الآلة: الافتقار إلىّ الإحساس. لا تمتلك الأيدي الصناعية اليوم حس اللمس، وبالتالي يشعر حاملها بأنها دخيلة، ولعدم وجود تغذية راجعة ربما تحطم بالمصادفة أصابع شخص آخر تصافحه.
إن التقاط قشرة بيضة بواسطة ذراع ميكانيكية عملية مستحيلة تقريبا.
يأمل نيكوليليس في تجاوز هذه المشكلة بالحصول على اتصال دماغ – دماغ مباشر. ترسل الرسائل من الدماغ مباشرة إلى ذراع ميكانيكية لها حساسات، لتعيد الرسائل بعد ذلك مباشرة إلى الدماغ متجاوزة جذع الدماغ كلية. هذا التواصل بين دماغ – آلة – دماغ ( BMBI ) ّ سيمكن آلية تغذية راجعة بحتة ومباشرة من الإحساس باللمس.
بدأ الدكتور نيكوليليس بوصل القشرة الحركية في دماغ قرد بأذرع ميكانيكية.
تمتلك هذه الأذرع الميكانيكية حساسات تعيد الإشارات إلى الدماغ بواسطة أقطاب موصولة بالقشرة الحسية الجسدية somatosensory ( التي تسجل الإحساس باللمس) . أعطيت القردة مكافأة بعد كل محاولة ناجحة، وتعلمت كيف تستخدم هذا الجهاز خلال أربع إلى تسع محاولات.ّ
لفعل ذلك، كان على الدكتور نيكوليليس أن يخترع شفرة جديدة تمثل سطوحا متباينة (خشنة أو ناعمة.) «بعد شهر من التمرين،» كما أخبرني، «يتعلم هذا الجزء من الدماغ هذه الشفرة الجديدة، ويبدأ بربط هذه الشفرة الاصطناعية التي صنعناها بالملمس المختلف. لذا فهذه هي التجربة الأولى التي نستطيع بواسطتها خلق قناة حسية» يمكنها تمثيل أحاسيس الجلد.
ذكرت له أن هذه الفكرة تبدو مثل فكرة الغرفة الافتراضية "holodeck" في مسلسل ستار ترك، حيث تتجول في عالم افتراضي لكنك تشعر بالأحاسيس عندما تصطدم بأجسام افتراضية، كأنها حقيقية. دعي هذا «التقنية اللمسية»، حيث تستخدم التقنية الرقمية لتمثل الشعور باللمس. أجاب نيكوليليس: «نعم أعتقد أنها أول تجربة بأن شيئا مثل الغرفة الافتراضية سيكون ممكنا في المستقبل القريب».
ربما تستعمل الغرفة الافتراضية في المستقبل مزيجا من التقنيتين. أولا، سيضع الناس في الغرفة الافتراضية عدسات لاصقة تتصل بالإنترنت، بحيث يرون عالما افتراضيا جديدا بكامله أينما نظروا. سيتغي المشهد في عدساتك اللاصقة فورا بكبسةّ زر. ولو لمست أي جسم في هذا العالم الافتراضي فستحر ٌ ض إشارات ٌ مرسلة إلى الدماغ الإحساس باللمس، باستخدام تقنية BMBI . بهذه الطريقة سيكون الإحساس بالأجسام في العالم الافتراضي، التي تراها في عدساتك اللاصقة، ملموسا.
لن يسمح اتصال الدماغ بالدماغ بتقنية اللمس فقط، ولكن أيضاً «شبكة الدماغ» أو برين نت، باتصال مباشر بين دماغ – دماغ. في العام 2013 ، استطاع الدكتور نيكوليليس أن ينجز شيئا ظهر في مسلسل ستار ترك، وهو «دمج العقول،» وذلك بين دماغين. بدأ بمجموعتين من الجرذان، إحداهما في جامعة ديوك والأخرى في ناتال في البرازيل. تعلمت المجموعة الأولى ضغظ عتلة عندما ترى ضوءا أحمر. وتعلمتّ المجموعة الثانية ضغط عتلة عندما تحرض أدمغتها بإشارة أرسلت عبر شريحة مزروعة فيها. كوفئت على ضغظ العتلة بجرعة ماء. ثم وصل الدكتور نيكوليليس القشرات المحركة للأدمغة لكلتا المجموعتين بسلك ناعم من خلال الإنترنت.
عندما رأت المجموعة الأولى من الجرذان الضوء الأحمر، أرسلت إشارة عبر الإنترنت إلى المجموعة الثانية في البرازيل، والتي قامت بعدها بالضغظ على العتلة.
في سبع محاولات من عشر، استجابت المجموعة الثانية من الجرذان بشكل صحيح للإشارات التي أرسلتها المجموعة الأولى. كانت هذه هي التجربة الأولى لإمكانية نقل الإشارات بشكل صحيح بين دماغين وترجمتها أيضا. لكن التجربة مازالت بعيدة عن دمج دماغين كما في قصص الخيال العلمي، حيث يتحد أحد الدماغين مع الآخر، لأن التجربة مازالت بدائية، ولأن حجم العينة مازال صغيا، لكنها تبرهن على إمكانية إنشاء شبكة دماغية.
في العام 2013 ،أجريت الخطوة التالية المهمة، عندما مضى علماء إلى أبعد من الدراسات على الحيوانات، وعرضوا أول اتصال دماغ – دماغ بشري مباشر، حيث أرسل دماغ بشري رسالة إلى دماغ آخر عبر الإنترنت.
ُأ ِ نجزت هذه التجربة الفارقة في جامعة واشنطن، حيث أرسل أحد العلماء إشارةّ دماغية (حرك ذراعك اليمنى) إلى عالم آخر. لبس العالم الأول خوذة EEG ولعب لعبة فيديوية. أطلق طلقة مدفعية من خلال تخيل تحريك ذراعه اليمنى، لكنه لم يحركها فيزيائيا. أرسلت الإشارة من خوذة الــ EEG عبر الإنترنت إلى عالم آخر يرتدي خوذة مغناطيسية وضعت بعناية فوق الجزء الذي يتحكم في ذراعه اليمنى من دماغه.
عندما وصلت الإشارة إلى العالم الثاني، كانت الخوذة قد أرسلت نبضة مغناطيسية إلى داخل دماغه جعلت ذراعه اليمنى تتحرك من تلقاء ذاتها ومن دون إرادتها. وبذلك، فبالتحكم عن بعد يمكن لدماغ بشري أن يتحكم في حركة شخص آخر.
يفتح هذا الاختراق الباب لعدد من الاحتمالات، مثل تبادل رسائل غير لفظية عبر الإنترنت. ربما بإمكانك يوما ما إرسال خبرة رقصة التانغو والقفز بالمظلة أوّ التزلج على الجليد إلى آخرين على بريدك الإلكتروني. ليس من الممكن إرسال الأنشطة الفيزيائية فقط، لكن العواطف والأحاسيس أيضا عبر اتصال دماغ - دماغ.
يتصور نيكوليليس يوما يمكن للناس فيه من كل أنحاء العالم أن يشاركوا في شبكات اجتماعية ليس عبر لوحة مفاتيح، ولكن عبر أدمغتهم مباشرة. وبدلا من إرسال بريد إلكتروني، سيستطيع الناس على شبكة دماغية أن يتبادلوا الأفكار والعواطف بالتخاطر المباشر. في الوقت الحاضر، تنقل المخابرة الهاتفية معلومات المحادثة، ونبرة الصوت فقط، ولا شيء أكثر. اللقاء الفيديوي أفضل قليلا، بما أنك تستطيع قراءة لغة جسد الشخص على الطرف الآخر. لكن الشبكة الدماغية ستكون المرحلة النهائية في مجال الاتصالات، حيث تجعل من الممكن التشارك في المعلومات العقلية كلها، بما في ذلك العواطف والاختلاجات والتحفظات. ستتمكن العقول من المشاركة بأكثر أفكارها ومشاعرها حميمية.
مصطلحات هامة
المسح الكهربائي EEG
إنسالي شبيه بالإنسان CB-1
الغرفة الافتراضية holodeck
الحسية الجسدية somatosensory
دماغ – آلة – دماغ BMBI
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
نحن قمنا بانشاء سلسلة من مقاطع ريلز القصيرة العلمية على قناتنا في يوتيوب، واتمنى الحصول على دعمكم ومساندتكم حتى نستمر في نشر هذا المحتوى النافع، رابط القناة من هنا تابعونا.
0 تعليقات