الجزر الكونية

لا بد أن تكون الظواهر الفلكيـة المخـتـلـفـة ، قـد راعت الإنسان منذ فجر الـتـاريـخ ولـذلـك نـراه قـد اتخذ من بعض الأجرام السماوية آلهة. ومنذ آلاف السنين والإنسان يـرقـب الـسـمـاء بـخـيـال خـصـيـب ورهبة وخشوع ، وكان من المستحيل علـى الـشـعـوب القديمة أن تفسر الظواهر الطبيعية كما نفسرهـا في الوقت الحاضر ، وربما يرجع بدء التفكير العلمي إلــى المحــاولات الأولــى الــتــي قــام بــهـــا الإنـــســـان لاستخدام السماء كتقو  أو وسيلة لتحديد الوقت.

ولـكـن بـعـد تـقـدم الـعـلـوم الـفـلــكــيــة، واخــتــراع التلسكوب ، أمكن للإنسان أن يتطلع إلى الوحـدات الأساسية للكون ، السدم والمجرات.

أما السدم (أو الـسـدائـم ) Nebulae فهي أجـرام سماوية هائلة ، سحابية الشكل يقدر عددها بالملايين  لكننا لا نرى إلا القليل منها بالعين المجردة ، وذلـك لان بعضها معتم والبعض الآخر سابح في الفضاء السحيق، والـسـدائـم المـضـيـئـة تـسـتـمـد نـورهـا مـن إشعاعات النجوم التي تتخلـلـهـا ، فـذرات الـسـدائـم تمتص الضوء ثم تعيد إشعاعه في موجات متباينة الطول.

وقد يطلق اسم (سد)  على أنواع مختلفة من الأجرام السماوية ، ليس بينها تشابه سوى مظهرها الضبابي ، فهناك سدائم غازية تتكون من غازات غاية في الخلخلة وهي غالبا منتشرة بلا نظام في منطقة بالفضاء تحتوي على عدد هائل من النجوم ، وغالبا ما تكون هذه السـدائـم مـجـريـة أي فـي داخل مجره.

والسدائم المجرية توجد في اتجاه المجرات وأحيانا داخلها ، وتكون جزءا منها. وهي أما سدائم غازية أو معتمة أو كوكبية ، فالنوع الأول يـتـكـون مـن جزيئات غازية قليلة الكثافة جدا ، أما الدائم المعتمـة فـتـوجـد فـي الأمـاكـن الخالية من النجوم أو التي يقل فيها عـدد الـنـجـوم بـالـنـسـبـة إلـى المـنـاطـق المحيطة بها. وفي السدائم الكوكبية تكثر النجوم المتفجرة ويوجد في مركز معظمها نجم شديد الحرارة ، ويعتقد علماء الفلك بأن المادة المـكـونـة لـهـذا النوع من السدائم ، هي المادة التي أطلقتها النجوم المتفجرة أثناء ثوراتها.

أما السدائم اللامجرية ، فتحتوي على نجوم كثيرة مفردة ولكنها خافتة،  وتختلف أشكال تلك السدائم اختلافا كبيرا وتتميز بأنها تدور حول نواة أي مركز غير نجمي ، بيد أن الأجزاء الخارجية منها تتكون من النجوم ، ويبدو أن تلك الصور المختلفة التي تظهر بها السدائم تمثل حلقات في تطورها.

وتدور السدائم بسرعة مذهلة ، تصل إلى بضع مئات من الكيلـومـتـرات في الثانية في شبه حركة متماسكة ، ومع ذلك فأية نقطة في الـسـد  قـد تحتاج إلى بضعة ملايين من السنين لتتم دورة كاملة حول مـركـزه ، ويـرجـع ذلك إلى الحجم الهائل الذي تتميز به السدائم.

أما المجرات  Galaxies فهي وحدات الكون العظمى ، وهي تنتشر بجلال في أجزاء متفرقة من الفضاء الكوني اللامحدود ومن ثم يطلق عليها الجزر الكونية. وهي تتكون من آلاف الملايين من الأجـرام الـسـمـاويـة مـن سـدائـم ونجوم وكواكب ومذنبات ونيازك وغبار كوني وغازات ، تدور بـعـضـهـا حـول بعض ، وتربطها الجاذبية فتجعلها وحدة عظيمة متماسكـة. والمجـرات هـي مكان مولد النجوم.. ومقابرها. ولا تتوزع المجرات فـي الـفـضـاء بـانـتـظـام،  وإ•نما  توجد في حشود وهي تنتـشـر فـي أشـكـال مـخـتـلـفـة. ومـا المجـمـوعـة الشمسية بنجومها وكواكبها وأقمارها ، وكل أجرامها السماوية الأخرى ، ألا جزء ضئيل للغاية من مجرة من بلايين المجرات مختلفة الأشكال والأحجام التي يحتوي عليها الكون.



ويرى بعض علماء الفلك أن المجرات تتباعد بعضها عن بعض بسرعات كبيرة جدا ، فيزداد بذلك حجم الكون بل ويذهبون إلى أنها تتراجع تراجعا سريعا عن مجرتنا ، وأطلقوا على هذه النظرية ـ الكون المتمددـ .